أمراض الشيخوخة
كل شخص يشيخ  مهما كانت فئة دمه  لكن لِمّ نشيخ؟. وهل يمكننا إبطاء هذه العملية؟ لطالما شغلنا هذان السؤالان  كما أن الوعد بالشباب الدائم ظهر في كل قرن. لكننا اليوم نقترب من الإجابة؛ بفضل تقنياتنا الطبّية المتطورة ومعرفتنا المتزايدة للعوامل التي تؤدي إلى التقدّم في السن.
لكن ثمة سؤال يطرح نفسه: لِمّ تختلف مظاهر التقدّم في السن بين شخص وآخر بشكل كبير؟ لم يموت بسبب ذبحة قلبية  العدّاء البالغ من العمر50 سنة والذي يبدو نحيفاً وفي صحة جيدة. فيما المرأة العجوز البالغة من العمر 89 عاماًء التي لم تبذل مجهوداً في حياتهاء تبقى في صحة جيدة؟ لِمّ يصاب بعض الناس بمرض الزهايمر أو الخبل (الخرف) دون غيرهم؟ في أي
سن تصبح شيخوخة الجسم لا مفر منها؟.
لقد أدركنا بعض أجزاء هذه الأحجية واكتشفنا أنّ العوامل الوراثية تلعب دوراً؛ فاختلاف الكروموزومات بين شخص وآخر يساهم في استعداد الجسم للإصابة بأمراض أو اضطرابات تؤدي إلى التدهور الصحي لدى بعض الأشخاص بصورة أسرع منها لدى أشخاص آخرين . لكن تبقى هذه الدراسات غير مكتملة.
إلا أنني اكتشفت علاقة هامة مابين فئة الدم والشيخوخة؛ وتحديداً ارتباط قدرة اللكتين على جعل خلايا الدم تتكتل ‎‏ بحالتين مرتبطتين بالشيخوخة؛ وهما قصور الكلى وضعف عمل وظائف الدماغ.
نشهد مع تقدّمنا في العمرء تراجعاً تدريجياً في عمل الكليتين, ومع بلوغ الواحد منّا سن الثانية والسبعين  يصل معدل عمل كليتيه إلى %25 من قدرتهما الفعلية.
وعمل الكليتين يطلعنا على كمية الدم التي يتم تنقيتها لتعود وتدخل مجرى الدم. وجهاز التصفية هذا دقيق للغاية؛ وهو واسع بما يكفي ليسمح لعناصر الدم السائلة المختلفة بالمرور عبره؛ لكنه؛ في الوقت نفسه؛ ضيق بما يكفي لمنع الخلايا الكاملة من المرور فيه.
تأملوا كيف أن اللكتين الذي يجعل خلايا الدم تتكتل  يسدّ هذ الجهاز. فبما أن الكليتين تلعبان دوراً هاماً في تصفية الدم؛ يمكن لأنواع كثيرة من اللكتينات  ومع مرور الوقت  أن تعطل هذه العملية الدقيقة. فهذه اللكتينات التي تجد طريقها إلى الدم ينتهي بها المطاف في الكليتين حيث تتراكم؛ فتصبح الكليتان أشبه بمصّرف مسدود. ومع مرور الوقت  يتوقف نظام التصفية عن العمل. وكلما ازداد تكتل خلايا الدم في الكليتين كلما قلت كمية الدم المنظفة. إنها عملية بطيئة؛ لكنها مميتة في النهاية. والقصور الكلوي هو أحد الأسباب الرئيسية للتدهور الجسدي عند المتقدّمين في السن.
العضو الثاني الذي يبرز فيه ارتباط فئة الدم بالشيخوخة هو الدماغ وفيه تلعب اللكتينات دوراً مدمراً موازياً لدورها فى تلف الكليتين. لاحظ العلماء أنّ الفرق بين الدماغ المسنّ والدماغ الشاب هو أن العديد من عناصر الخلايا العصبية تشابكت في الأول. وهذا التشابك, الذي يؤدي إلى الخبل وإلى تباطؤ وظائف الدماغ عامة (ولعله أحد أسباب مرض الزهايمر)  يحصل تدريجيا على امتداد حياة الشخص الراشد.
كيف يصل اللكتين إلى الدماغ؟ تذكر أن اللكتين يتخذ أشكالاً وأحجاماً مختلفة؛ وبعضها صغير بما يكفي ليتجاوز الدم ويصل إلى الدماغ؛ وما إن يصل إلى الدماغ حتى يبدأ بلصت خلايا الدم ببعضها البعض مؤثراً تدريجياً في نشاط الخلايا العصبية. تمتد هذه العملية على سنوات لكن الخلايا العصبية تتشابك في النهاية بما يكفي لتؤثر على وظيفة الدماغ.
يبدو واضحاً لي أن التخفيف من استهلاك اللكتينات المضرّة أو إلغائها كلياً من النظام الغذائي يساهم في الحفاظ على كليتين صحيحتين وعلى وظائف الدماغ لمدة أطول. ولهذا السبب؛ يبقى بعض الأشخاص المسنين أصحاء جندياً وعقلياً  وتؤثر اللكتينات أيضاً على وظائف هورموناتناء وبالتالي تساهم في ظهور الشيخوخة. من المعروف أنه؛ مع التقدم في السنء يصبح من الصعب على جسم المرء أن يمتص العناصر الغذائية في الطعام ويحوّلها إلى طاقة عبر عمليات الأيض . ولهذا السبب, يعاني الكبار في السن غالباً من سوء التغذية بالرغم من أنهم يتبّعون نظامهم الغذائي المعتاد. ويدعو علم التغذية عادة؛ إلى إعطاء المسنين مكمّلات غذائية (فيتامينات, معادن, أحماض أمينية, وأحماض دهنية..). لكن إذا لم تتمكّن اللكتينات ‏ التي تجعل خلايا الدم تتكتل – من اكتساح الجسم؛ ولم تؤثر في عمل الهرمونات؛ يمكن للشخص المسّن أن يحصل على العناصر الغذائية من طعامه بفعالية كما لو كان شاباً.
ولا أعني بكلامي هذا أن الالتزام بالإرشادات الخاصة بفئة الدم هي التي تضمن لكم الشباب الدائم! وهي ليست أيضاً صيغة أو وصفة سحرية للتخلّص من آثار الشيخوخة التي ظهرت. لكن يمكن الحد من التلف الذي يلحق بالخلايا في أي عمر كان عبر تقليل كمية اللكتين المستهلكة. في الواقع؛ وُضعت خطة فئة الدم لتؤخر ظواهر التقدّم في السن أي لتمكنكم من إبطاء ظهور آثار الشيخوخة انطلاقاً من سن الرشد وطول حياتكم.